البحوث الحيوية (2): مزارع الخلايا

مثال تطبيقي :

هذه التدوينة تحاول أن توضح بمثال تطبيقي طريقة إجراء تجربة لمعرفة أثر الحرارة على استهلاك السكر في الخلايا العضلية.

لماذا المزرعة أفضل من الحيوان الحي:

       في هذه التجربة سنستعمل مزارع الخلايا لأننا نحتاج إلى إلغاء آثار الخلايا الأخرى في الجسم كالخلايا الدهنية ، والعصبية والعظام، فلو مثلا أجرينا هذه التجربة على حيوان حي كالفأر مثلا فإنه يصعب علينا معرفة أي أجزاء الفأر استهلكت السكر ، وحيث إن هدفنا هو معرفة أثر الحرارة في استهلاك (الخلايا العضلية) للسكر . فالأفضل هو استعمال المزرعة.

مكونات المزرعة الخلوية:

      الخلايا : هناك نوعان من المزرعة الخلوية بحسب نوع الخلايا ، فلو أخذت الخلايا من نسيج حي ثم زرعت وحوفظ عليها في المعمل فإنها تسمى خلايا أولية ، ويكون عمرها في العادة قصيرا ، وقدرتها على الإنقسام والاستمرار محدودة ، إما إذا كانت الخلايا المستعملة هي في الأصل خلايا سرطانية (وهذا هو الأيسر والأغلب) فإنها يمكنها الحياة والاستمرار في المزرعة لمدة طويلة جدا ، ويكون انقسامها سريعا وقدرتها على مقاومة المؤثرات السلبية والاستمرار في المزرعة أقوى. 
      المستنبت: هو المادة التي تستعمل لتعيش فيها الخلايا ، وهو غني جدا بالمواد الغذائية ومحفزات النمو ، يضاف إليه مصل الدم (serum) لمساعدة الخلايا على النمو ، تضاف إليه أحيانا مضادات حيوية لمنع البكتيريا من تلويث المزرعة ، أو بعض البروتينات الخاصة التي تحفز نوعا معينة من الخلايا دون الآخر للمساعدة على تكوين مزرعة متجانسة . ومعنى ان المزرعة متجانسة هو أن يكون غالب الخلايا من نوع واحد ، ليمكن إطلاق نتيجة التجربة على الخلايا المعنية.
فمثلا: لو كانت نصف الخلايا التي نبتت في المزرعة عضلية ، ونصفها الآخر عصبية فإنه لا يمكن القول إن الخلايا العضلية تأثرت بهذه الطريقة نتيجة ارتفاع الحرارة ، فكيف نعرف أن الخلايا العضلية وليس العصبية قد تأثرت. 
      لذلك وقبل البدء في التجربة يجب دراسة المزرعة من حيث التجانس، وذلك باستعمال طرق عديدة منها الكشف عليها باستعمال المجهر ، أو صبغ الخلايا بصبغة خاصة تصبغ بها الخلايا العضلية دون غيرها ثم نعد الخلايا العضلية وغيرها لنعرف نسبتها في المزرعة فإذا كانت النسبة عالية يمكن عندها القول : إن المزرعة متجانسة بقدر كاف لإجراء التجربة ، وإلا فإن النتيجة تكون أقل إقناعا وإن كانت مفيدة.

مزرعة خلوية ، السائل الأحمر هو المستنبت ، والخلايا تلتصق عادة بالسطح
 السفلي للطبق ، بعض أنواع الخلايا لا تلتصق.
     تتم زراعة الخلايا بوضعها في أطباق تشبه أطباق بتري المستعملة في زراعة البكتيريا في معامل الأحياء الدقيقة ، وفي أحيان أخرى توضع في قنان خاصة يكون سطحها مسطحا ليعطي الفرصة للخلايا بالنمو على هذا السطح
      البيئة: تحتاج الخلايا لتنمو إلى بيئة خاصة يتم التحكم فيها بوضع هذه الأطباق أو القنان في حاضنة خاصة لحفظها في جو محكم تكون نسبة الأكسجين فيه وثاني أكسيد الكربون مشابهة للمحيط في الجسم ، وفي درجة حرارة 37 درجة مئوية . ويمكن تعديل أي من هذه المتغيرات حسب حاجة الخلايا المرغوب زراعتها ، أو يمكن التحكم فيها لدراسة أثر هذا التغير على الخلايا ووظيفتها.
     فعادة تكون نسبة ثاني أكسيد الكربون في الحاضنة أعلى من نسبته في الجو، وذلك لأن الجسم معدلات ثاني أكسيد الكربون في الجسم تكون أعلى من معدلاته في الجو، والخلايا تحتاج إلى هذه النسبة لتنمو وتنقسم.
     
حاضنة المزرعة الخلوية
بعض الخلايا تلتصق بالسطح السفلي للطبق أو القنينة بينما تسبح بعضها حرة في السائل حسب نوع الخلايا، ويمكن تتبع نمو الخلايا وانقسامها بواسطة المجهر، فإذا وجدت خلايا سابحة كثيرة في مزرعة لخلايا تلتصق عادة فهذا يعني انها ميتة، وتموت الخلايا لعدة أسباب من بينها نقص المواد الغذائية إذا لم يتم تغيير المستنبت لمدة طويلة ، أو زيادة عدد الخلايا عن الملائم لها لتتعايش مع بعضها، أو بسبب تلوث المزرعة ببكتيريا، أو عدم ملاءمة البيئة للخلايا لتنمو.
معدل تكاثر الخلايا في مزرعة وملئها لسطح الطبق
بالنظر إليها بالمجهر الضوئي
     ولذلك تحتاج هذه الخلايا إلى متابعة يومية بالفحص تحت المجهر ، وقد تحتاج إلى تغيير المستنبت أو نقلها إلى أطباق جديدة عندما يزيد عددها عن المناسب للطبق، وسنناقش في التدوينة القادمة كيف يتم نقل الخلايا إلى أطباق جديدة وتغيير المستنبت لها.