البحوث الحيوية (3) زراعة الخلايا للمرة الأولى.

الخلايا الأولية:
      تؤخذ الخلايا من حيوان حي، لنأخذ الفأر كمثال، يتم تخدير الفأر وأخذ الخلايا من جسمه، نأخذ عضلة الساق مثلا للحصول على خلايا عضلية، ثم نقتل الفأر. تفتت الخلايا باستعمال أدوات خاصة لتحريرها من النسيج، وينتج عن ذلك موت بعضها، ولكن بعضها الآخر يظل حيا، فنزرعها في إناء المزرعة فتلتصق الحية بالجدار وتبقى الميتة سابحة في المستنبت، فيسهل التخلص منها بعد يوم أو يومين.  
     كل نوع من الخلايا يحتاج إلى محفزات للنمو تضاف إلى المستنبت، هذه المحفزات تساعد في جعل المزرعة متجانسة فتحفز الخلايا العضلية على النمو ولا تساعد أنواع الخلايا الأخرى، وفي كل الأحوال لا تصل نسبة التجانس إلى درجة الكمال فتظل بعض الخلايا الأخرى في المزرعة، لذلك نعد هذه الخلايا ليمكننا إثبات أن هذه النتيجة التي نسعى إليها كان وراءها الخلايا العضلية دون غيرها.
    نضع المزرعة في الحاضنة في ظروف بيئية مناسبة من الحرارة والأكسجين وثاني أكسيد الكربون، ونكشف عليها المزرعة من حين إلى آخر حسب الطريقة المتبعة. بعد أن نلاحظ نموا جيدا للخلايا في المزرعة والتصاقها بقاع الآنية نلاحظ كذلك بعض الخلايا السابحة التي تكون ميتة، نتخلص منها بشفط المستنبت بما فيه من خلايا سابحة، ونتخلص منه ، ثم نقوم بغسل المزرعة بإضافة المستنبت إليها وشفطه، ويمكن تكرار ذلك عدة مرات بحسب الطريقة المتبعة. ثم إذا كان نمو الخلايا وتكاثرها ليس كبيرا فإنه يمكن إضافة المستنبت إلى المزرعة وإرجاعها إلى الحاضنة، أما إذا كان نمو الخلايا وتكاثرها كبيرا فإنا نحتاج إلى تغيير آنية المزرعة ، وربما نحتاج إلى زرع هذه الخلايا في أكثر من آنية وبالتالي نحصل على خلايا أكثر للقيام بتجربتنا.
      لفصل الخلايا الملتصقة بسطح الآنية نغسل المزرعة بالماء المقطر المعقم ثم نضيف إليها التريبسين (إنزيم هاضم) يعمل على فصل الخلايا عن السطح ، ثم نتركها لفترة قصيرة حتى تنفصل كل الخلايا أو أغلبها ، ويجب أن لا تطول هذه المدة لأن التريبسين قد يهضم الخلايا أيضا إذا طالت مدة التعرض عن المطلوب، لإيقاف عمل التريبسين نضيف إليه المستنبت الذي يحتوى على المصل المستخلص من الدم والذي يوقف عمل التريبسين ، ثم نفصل الخلايا عن السائل الذي تعوم فيه بطريقة الطرد المركزي .
     الطرد المركزي يجعل الخلايا (الأثقل) تترسب، بينما يظل المستنبت القديم الذي يحتوي على التريبسين في الأعلى، فنتخلص منه، ثم نضيف إلى الخلايا مستنبتا جديدا، ونخلطها جيدا فنحصل على خليط متجانس من المستنبت والخلايا السابحة فيه، نزرعه في أكثر من آنية، وهكذا نكون حصلنا على عدد أكبر من الخلايا، نستمر في هذه العملية حتى نحصل على عدد كاف من الخلايا والمزارع لإجراء التجربة.
     في حالة الخلايا السرطانية فإن الخلايا يمكن شراؤها أو الحصول عليها من باحث آخر نتعاون معه، تأتي هذه الخلايا مجمدة في درجة حرارة منخفضة جدا قد تقل عن -80 درجة مئوية وتكون محفوظة في سائل خاص لا يتجمد عند هذه الدرجة المنخفضة لألا تتحطم الخلايا ، حيث إن الماء عندما يتجمد يكون بلورات تمزق مكونات الخلية وتقتلها، تذاب هذه الخلايا في سائل دافئ بسرعة، ثم تغسل ويزال عنها السائل الذي ذكرناه آنفا بعملية الطرد المركزي، ثم تزرع كما أسلفنا في حالة الخلايا الأولية. الفرق أن الخلايا السرطانية تكون سريعة النمو، والتعامل معها سهل، وتكون عادة متجانسة، فبالتالي استعمالها في البحوث الطبية أيسر وأكثر انتشارا.
      بعد تجهيز عدد كاف من الخلايا والمزارع لتجربتنا يجب أن نتأكد من توفير ظروف متشابهة لكل الخلايا والمزارع ، ونتأكد من أن عدد الخلايا في كل المزارع متساو أو قريب من التساوي لنعزز مصداقية النتيجة المرتقبة.